سوالف كوم

ياهلا والله بك معنا في منتديات سوالف كوم العربية تفضل ادخل

الخيمة يمناحي جب القهوة Very Happy

تفضل وشف ودر في المنتدى وان اعجبك سجل

على فكرة Question (المنتدى جديد ويحتاج مشرقبن ومراقبين ومشرفات ومراقبات ) cheers رشح نفسك



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

سوالف كوم

ياهلا والله بك معنا في منتديات سوالف كوم العربية تفضل ادخل

الخيمة يمناحي جب القهوة Very Happy

تفضل وشف ودر في المنتدى وان اعجبك سجل

على فكرة Question (المنتدى جديد ويحتاج مشرقبن ومراقبين ومشرفات ومراقبات ) cheers رشح نفسك

سوالف كوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سوالف كوم العربية : سواليف على كيف كيفك قهوة . وشاهي . وفصفص .وحركات , صرقعة , وضحك

المواضيع الأخيرة

» أمــــــي .. أمــــــي .. أمــــــي ..
تابع قصة مموزين   5 Emptyالإثنين فبراير 27, 2012 4:33 pm من طرف prnsjo

» من أجمل ما قرآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآت
تابع قصة مموزين   5 Emptyالإثنين فبراير 27, 2012 4:30 pm من طرف prnsjo

» كم منا يريد ان يرى المصطفى فى منامه
تابع قصة مموزين   5 Emptyالجمعة فبراير 24, 2012 5:11 pm من طرف prnsjo

» كيف نعشق الصلاة
تابع قصة مموزين   5 Emptyالجمعة فبراير 24, 2012 5:06 pm من طرف prnsjo

» نكت 2012
تابع قصة مموزين   5 Emptyالجمعة فبراير 17, 2012 1:59 am من طرف Biso_basim

» نكت جامده جدا
تابع قصة مموزين   5 Emptyالجمعة فبراير 17, 2012 1:52 am من طرف Biso_basim

» اجمل و اجمد و اروش نكت
تابع قصة مموزين   5 Emptyالجمعة فبراير 17, 2012 1:42 am من طرف Biso_basim

» نكت بخلاء
تابع قصة مموزين   5 Emptyالجمعة فبراير 17, 2012 1:40 am من طرف Biso_basim

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع

لا يوجد مستخدم

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 146 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 146 زائر

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 275 بتاريخ الخميس نوفمبر 21, 2024 12:02 pm

( وضع العناصر أسفل الصفحة


    تابع قصة مموزين 5

    avatar
    asdlion
    كبار الشخصيات ( v.i.b )
    كبار الشخصيات ( v.i.b )


    الجنس : ذكر
    تاريخ التسجيل : 27/01/2012
    My MMS ~ : mms
    أخر مواضيعي ,~ : ((تكتب بين هذة الحروف الانجليزية رابط اخر مواضيعك(عليك حذف هذا الكلام الكتوب مابين الاقواس))

    تابع قصة مموزين   5 Empty تابع قصة مموزين 5

    مُساهمة من طرف asdlion الأربعاء فبراير 01, 2012 9:51 pm

    الكون
    كله منذ فجر الحياة مسرح للصور المتضاد والمظاهر المتناقضة . فهذا الليل
    والنهار ، والنور والظلام ، هذه الشمس المتوهجة والظلال الوارفة ، هذا
    الهجر والوصال ، والمآتم والأعراس ، هذه المآسي والأفراح ، وهذا البؤس
    والنعيم ،





    هذه الورود
    الناعمة بين أشواكها الدامية - كل ذلك نماذج لمشهد هذا الكون المتناقض
    أبدعه الله كذلك ليوجد في كل من الخير والشر معناه ، وليستبين كل منهما
    بالآخر ويتميز كل عنصر بنقيضه ثم لكي تشيع في الكون روح الحركة والكفاح
    ولترتبط هذة الخلائق بنظام السعي والتعاون .





    ويأبى هذا السنن في الكون إلا أن يجري في قصتنا أيضا ، فيجمع فيها عنصري
    الخير والشر ويمزج فرحة السعادة بدموع البؤس ... وعنصر الشر في هذه القصة
    هو حاجب خاص لديوان الأمير ، أما اسمه ’’ بكر ‘‘



    وأما اسم أبيه فلم يكن يعرف من هو حتى يعرف اسمه . كانت لهذا الحاجب نفس
    تنطوي على أشد ألوان الخبث والمكر . وكأنما غذيت روحه بحب الفتنة فهو يتعشق
    الولوج فيها حيثما لاح له بابها .



    ولم يكن في مظهره قصيرا وقميئا فقط ، بل كان إلى ذلك أجرد الشكل باهت السحنة ذا عينيت تشعان بمزيج من الحقد والكراهية والحسد .
    وكثيرا ما كان يقترح تاج الدين للأمير أن لو استغنى عن هذا الماكر الخبيث
    واستبدل به آخر يكون أليق بالقصر ، وأشرف منه خلقا وأصلا . وكان يقول له
    عنه فيما يقول :




    ’’ ... إن الحاجب يا مولاي وإن كان لا يرجى منهم فوق ما يرجى من أن الكلاب
    فيها طبيعة الإخلاص والوفاء أما هذا فإنه لا يعنيه شيء سمى أن يكون وغدا
    خبيثا ...‘‘
    فكان الأمير يهز رأسه لكلامه ، ثم يبتسم إليه قائلا :
    ’’ إن حياتنا يا تاج الدين تضطرنا إلى سفيه من هذا النوع ... فإن لنا خارج
    هذا القصر شؤونا ومصالح ... ولنا أيضا هناك مشكلات ذات عقد ... قد نحتاج
    إلى متاعب كثيرة في حلها لو لم نحو من حولنا سفهاء من هذا القبيل .




    وإن كل هؤلاء الحجاب والحراس الذين تراهم من حول قصور الأمراء والحكام ،
    لا يراد منهم أن يكونوا حجابا بمقدار ما يراد منهم أن يكونوا أداة بارعة
    لتسيير شؤونهم وحل معضلاتهم . أما أنه غير ذي نسب وأصل ، فلن يضير شيء من
    ذلك في مصالحنا ما دامت تقضى ، وأما أنه ذو فتنة و خبث فإن شيئا من خبثه
    وفتنته لن يتطاول إلينا بمكروه أو ضرر .‘‘



    وهكذا أصر الأمير على استبقائه ، ولك يستطع تاج الدين أن يقنعه بوجود ما يدعو إلى طرده والاستبدال به .
    ومضت الأيام لك يَخْفَ فيها على بكر أن تاج الدين يكنُّ له كراهية وبغضا ،
    فطوى في قرارة نفسه أمرا ، وراح يضع بين عينيه خيوطا لفتنة يثيرها على رأس
    تاج الدين ... ومضى يتحين لذلك الفرص السانحة ، إلى أن كانت ذات أمسية ....




    كان الأمير إذ ذاك جالسا على انفراد في جانب من حديقة قصره ، وليس من أحد
    حوله إلا حاجبه بكر الذي كان منهمكا على مقربة منه في تقليم بعض الأغصان
    اليابسة من أشجار الحديقة وتنسيقها .
    ولاحت لبكر فرصة سانحة عندما سأله الأمير : ’’ أجاء تاج الدين في ذلك اليوم إلى القصر أم لا ؟ ‘‘ ... فقد أجابه قائلا :




    ’’ إن تاج الدين يا مولاي لم يمر بالقصر منذ أربعة أيام .‘‘
    وسكت هنيهة ، ثم عاد فقال :
    ’’ كأني أرى يا مولاي أن تاج الدين لم يعد يفرغ للتردد على الديوان كسابق عهده ‘‘ !
    فسأله الأمير :
    ’’ وما الذي أصبح يشغله ؟ ‘‘




    ’’ لا أدري ، قد يكون مجرد أنه لم يجد داعيا لأن يتردد كثيرا ...‘‘ ثم انتهز فرصة تفكير بدت ملامحه على وجه الأمير ودنا إليه قائلا :
    ’’ الواقع يا مولاي أنه لم يكن يمكن أحد من الناس أن يصدق بأن الأميرة ستي
    يمكن أن تقدم رخيصة بهذا الشكل لمثل تاج الدين في حين أن جميع أمراء
    كردستان وسلاطينها كانوا يتمنون هذا الشرف لقاء جميع ما تمتد أيديهم من مجد
    ومال ‘‘.




    فأجابه الأمير وقد بدا عليه التقزز من كلامه:
    ’’ ومن يكون هؤلاء الذين يحسبون ويظنون ..؟ بل من يكون أولئك الأمراء
    والسلاطين أمام كل من تاج الدين وشقيقيه ..؟ إن كل واحد من هؤلاء الأشقاء
    الأبطل يساوي عندنا في يوم واحد من أيام الحرب الكريهة جميع ذلك الركام من
    الأموال والسلاطين ‘‘.




    فلما سمع بكر هذه اللهجة من الأمير أيقن أن ذلك الإسلوب لن يفيده فيما يريد . فغير مجرى الحديث وقال وهو يتشاغل بما بين يديه :
    ’’ لا شك أنه يجمل بالسادة أن يشجعوا غلكمانهم على المزيد من الاستقامة
    والخدمة عن طريق إكرامهم وإشراكهم في مجالس صفوهم وأنسهم ، ولكن بشرط أن لا
    ينسيهم الأنس حقيقتهم ولا يسكرهم عن أداء واجباتهم ، وأن تظل انحناآتهم
    للأوامر في ساعات الصفو والمرح ،





    موجودة بنفسها عند الشدائد وفي ساعة الكر والفر .
    غير أنني أخشى يا مولاي أن يكون بعض هذا التفضل منصرفا إلى غير أهله فتكون
    نتيجته الكفران والطغيان . إن البخيل يا مولاي لا تليق بين يديه النعمة
    والثراء ، والحقير لا يلائمه ...‘‘
    وهنا قاطعه الأمير بحدة شديدة قائلا :



    ’’ صه أيها لاقذر ، فما الحقير غيرك . إنني أعلم من هو تاج الدين في حبه
    وإخلاصه ، وأعلم ما يجب عليَّ فعله ، فلا تتماد فيما ليس من شأنك ‘‘ ...
    فتصاغر بكر حول نفسه ، وتمتم قائلا :
    ’’ لقد كنت أظن فيه هذا الإخلاص ...لولا أني اطلعت منه على أمر لعل مولاي الأمير لم يطلع عليه ..‘‘
    فقال له الأمير في اشمئزاز :
    ’’ وما هو هذا الذي اطلعت عليه ؟ ‘‘




    - ’’ لقد أصبح يا مولاي منذ أوليتموه شرف هذا القرب يستقل بالتصرف في كثير
    من شؤون القصر الخاصة ... ولقد كان أول ما أذهلني من تصرفاته في ذلك هو أن
    راح يقدم الأميرة ’’ زين ‘‘ إلى صديقه ممو ، ويده بتزويجها منه ...!‘‘
    وما إن سمع الأمير هذا الكلام حتى أخ الذهول منه كل مأخذ ، وهب من مكانه يدير عينيه فيما حوله من الفضاء قائلا :
    ’’ ماذا ؟ تاج الدين ... يتصرف في مثل هذا الشأن دون أن أعلم ..؟ تاج الدين
    يقوم بتزويج شقيقتي لمن يريد . دون أن يستشيرني على الأقل ؟ أم يبدو والله
    قد أسرفت في العطف عليه حتى لم تبق في نفسه أية رهبة مني ولا خوف ‘‘.





    فدنا منه بكر قائلا :
    ’’ أليس يدري مولاي من هو تاج الدين ..؟ إنه ذلك المعتز بنفسه ، المغرور
    برأسه حتى قبل أن يحظى من مولاي بهذا العطف ... فكيف وقد نُفح غروره اليوم ؟
    وإن أشد ما أخشاه والله يا مولاي أن يكون هذا الرجل يهدف من وراء استبداده
    الطائش إلى غرس نفوذه ونفوذ ذويه في رحاب القصر عن طريق المناسبة
    والمصاهرة ، ليعلم بعد ذلك الإمارة لنفسه ، ويسلسلها من لدن آبائه وأجداده
    ..‘‘
    وعاد الأمير فجلس في مكانه وهو يقول :





    ’’ لقد كان لي عزم والله على أن أجعل زينا من نصيب ممو ، وأن أقيم أفراحهما
    عما قريب . ولكن ها أنذا أقسم اليوم بفخر أجدادي فوق هذه الأرض ألا أدع
    ذلك يكون ، ولو جرت في سبيله سيول من الدماء حولي . فليتقدم إليّ إن شاء كل
    من ضجر من حمل رأسه ليتوسط أو يستعمل نفوذه في ذلك .‘‘




    وهكذا أقام الأمير ، بفتنة حاجبه الخبيث ، أصلب حاجز بينه وبين كل من كانوا
    يريدون أن يتوسطوا إليه في تزويج ’’ زين ‘‘ لصديق تاج الدين ، وهدم آخر
    ساف من الأمل في إقامة فرح هذين الحبيبين ، ولكن دون أن يعلم ممو أو تاج
    الدين أو أي واحد من أصدقائهما هذه الوشاية التي تسببت في ذلك ..




    وهذا الدور الخبيث الذي لعبه بكر للوصول باأمير إلى تلك القسوة في الموضوع .
    غاية الأمر أنه كان يصد إليه كل من كان يفاتحه في هذا الشأن ، أو يحاول
    الرجاء أو التوسل إليه لتزويج ممو من شقيقته زين وكان آخر ما قاله في مجلس
    ضم تاج الدين وشقيقيه وجمعا كبيرا من أصدقائهم ، يحاولون فيه استرضاءه بشتى
    الوسائل ، هو أن قال :





    ’’ ... تأكدوا جميعا أنه قد يمكن أن تظل زين طوال حياتها عزبة في القصر ،
    ولكن لا يمكن أبدا أن أجعلها يوما ما من نصيب ممو ولا داعي أيضا إلى أن
    تعرفوا سببا لذلك أكثر من أنني هكذا أردت . ولا داعي أيضا إلى أن تعيدوا
    بعد اليوم إلى سمعي هذا الحديث ، إلا إذا رأيتم داعيا إلى إثارة شر أنتم
    اليوم في غنى عنه ..‘‘






    ولقد كاد تاج الدين أن يعلن للأمير إذ ذاك أنهم ليسوا في غنى عن هذا الشر
    ما دام هو وحده الثمن لما تقدموا إليه برجاء تحقيقه ، لولا أنه كان ذا أمل
    في تطورات المستقبل التي قد تسهل الموضوع ، ولولا أنه كان يرجو استرضاء
    الأمير يوما ما عن طريق السياسة واللين عوضا عن الثورة والشدة






    الأيام تمر على
    ستي وتاج الدين صافية مشرقة ، والدهر يبتسم لهما بألوان من الصفو والسرور ،
    ويمد من حولهما حياتهما الجديدة ظلالا وارفة من النعيم ، ويقدم كؤوسا
    مترعة من السعادة التي أنستهما أيام اللوعة والفراق .




    والحبيبان الآخران لا يزالان في لظى من نار صبرهما وحرمانهما . يقضي كل
    منهما الليالي والأيام في صومعة انفراده لا يبصر من حوله أي مؤنس ولا ينتهي
    إلى سمعه صوت أي راحم .
    والهموم إذا لم تجد صاحبا يخفف من آلامها ، والزفرات إن لم تصادف مواسيا
    يبرد من حرها ، فأنى لصاحب هذه الهموم والزفرات أن يتحمل ؟ وأنى للتجمل
    والهدوء أن يجد وسيلة إلى القلب ؟ لا بد للأفراح لكي تصبح مشرقة ، ولا بد
    للأحزان لكي تكون متحملة من صاحب وشريك فيهما .



    وإلا فما أحرى بالهموم التي تحيط بها الوحشة والنفراد أن تصبح سببا للهياج والجنون .
    كان تاج الدين فيما مضى أليف ممو لدى سروره وأحزانه فكان خير طبيب ومواس
    لقلبه كلما هاج به الشوق . وكانت ستي أيضا هي وحدها مأوى الآلام والأفراح
    لأختها زين ، فمدامعها لا تنسكب إلا بين أحضانها ، وسرورها لا يتم إلا إلى
    جانبها .




    أما اليوم فقد مضى هذان الاثنان إلى سبيل سعادتهما ، وانشغل كل منهما
    بالفرحة بالآخر ... وبقي ممو لوحدته الموحشة ، يشكو فلا يجد من حوله من
    يتوجع إله ، ويتأوه فلا يرى أمامه من يواسيه . كما بقيت زين أيضا منطوية
    على آلامها دون أن يدرك أحد ما بها ، فهي دائما مختلية في غرفتها ، تسكب
    مدامعها بين ظلمات الوحشة والنفراد ،



    تتأوه آنا من وحشتها في ذلك القصر ، وتبكي آنا آخر حظها التعس المشؤوم .
    ومضى على زين من عرس أختها أربعون يوما ... وهي تقاسي آلاما ولواعج تحرق ضلوعها ، ولا تكشف إلى أحد من المخلوقات سرها .



    أربعون يوما ... كانت زين في خلالها شاردة اللب ، قد اتخذت من غرفتها محربا
    للبكاء والزفرات ، طعامها كله غصه ، وشرابها مزيج بالدموع .
    أربعون يوما ... بدت من ورائها تلك الغادة التي طالما سحر جمالها وأسكر ،
    وقد ذبل منها ذلك الجمال وتهدل ، وعاد كأنه البدر إذ يسري بعد تألقه نحو
    الرقة والذوبان .




    ولم يعد يخفي على إحدى فتيات القصر وجواريه ما انتهى إليه حالها . فكن
    يعجبن من أمرها ، ويرثين لشأنها . ولم تكن تشك إحداهن في أنها تقاسي هذه
    الآلام لفراق أختها التي تحبها حبا شديدا .. فكانت كثيرا ما تنتهز إحداهن
    المناسبات لتخفف عنها وطأة هذه الذكرى لشقيقتها ،




    ولكن دون أي جدوى .
    وفي ذات يوم تجمعن كلهن ، وذهبن إليها في غرفتها التي تظل مختلية فيها ، وجلسن من حولها يواسينها ويقلن لها في رقة وعطف :
    ’’ كم لك أيتها الأميرة الصغيرة تسكبين هذه الدموع في غزارة وألم ؟! وإلى متى تعيشين مع هذه الأحزان وتتوسدين هذا الهم ؟!
    إن أختك وإن تكن فارقتك غير أنها انطلقت سعيدة مبتهجة بشريك حياتها .



    فبأي سبب تتقلب هي هناك في سعادتها وأنسها ، وأنت ههنا تجلسين بين الدموع والأجزان ؟
    حسبك يا مولاتي ... حسبك هذا الجزع الذي لا داعي إليه . قومي .. فاقتلعي من
    قلبك هذه الهموم والآلام ، وأزيحي عن مفاتنك قتام هذه الأحزان . جففي
    لحظيك من هذه الدموع ليعود إليهما سحرهما ، وأزيلي عن وجهك ضباب هذه الوحشة
    ليرجع إليه إشراقه ...



    اغسلي عن هذا القدح الرقراق من آثار الدموع ليمتلىء كما كان بياوقت الرحيق ،
    فقد آن أن تعود السكرة إلى الرؤوس وتطوف النشوة بالقلوب . دعي هذه الغرفة
    التي جعلت منها بزفراتك جحيما ، ولينبعث كم هذه القوام رشاقته وسط أبهاء
    القصر وقيعانة فقد طالت عليه فترة الكمود . مزقي عن الورود حجاب هذا
    الإنقباض ليتجلى بهاؤها .




    دعي هذه الجدائل تنفرد متهادية على كتفيك في دلال ، وائذني للسوالف من حول
    صدغيك والخصل الملتوية من فوق جبينك أن تهتز بهما نسمات الإغراء . أعيدي
    إلى رونق هذا النحر عقده ، وليتدل على الجانبين من ليل هذا الشعر قرطاه .
    هذه الدنيا وزينتها ... هذه الطبيعة وبهجتها .. هذه الأيام من العمر التي
    تطل عليك بثغر ملؤه البهجة والسعادة .. لا تدعي كل ذلك يفوتك وأنت مطرقة..
    لا تسكري نفسك عنها بكؤوس الدمع والأحزان .




    الحياة جميلة يا مولاتي ، وأنت أجمل منها . والدنيا من حولك مشرقة ،
    وإشراقك أتم منها . فانهضي ... وافرحي .. وابتسمي .. ليتم في الحياة الجمال
    .. ويتكامل للدنيا الإشراق ..‘‘
    وهنا سكتت الفتيات وقطعن حديثهن . فقد أخذ يتغلب على كلامهن نشيج صدرها ،
    واختلطت أصواتهن في صوت بكائها ، وراحت تجيب حديثهن بوابل من الدموع لم
    تسكب مثله إلى ذلك اليوم .




    ولا بدع ، فالشوق نار في الفؤاد لا تزيده النصيحة إلا اتقادا ، وهو سر
    مستكن في الجوانح لا يفيده العتب واللوم إلا افتضاح . لا سيما إن كان هذا
    الناصح لا يدري سر الحزن والألم فيمن ينصحه ، فهو يلقي على سمعه كلاما
    بعيدا عن دنيا قلبه وآلامه ، لا ريب أن ذلك ا يزيد في نفسه إلا شعور
    بالغربة وإحساسا بالوحشة والآلام .




    ووجمت الفتيات في حزن وأسف ... وتعلقت أنظارهن بشفتي زين ينتظرن منها أية
    كلمةتشير بها إلى سبب كل هذه الحرقة والعذاب . ولكن عبرات عينيها ، ونشيج
    صدرها ، لم يكن شيء من ذلك يدع لها فرصة لأي حديث .



    ثم نهضن جميعا في ندم شديد مما أقدمت عليه ... وتسللن من غرفتها الواحدة
    تلو الأخرى في هدوء ، وقد ارتسمت على ملامحن مظاهر الدهشة والإنكسار .
    وأغلق باب غرفتها بعد أن خرجت آخر واحدة منهن ... فرفعت وجهها تحدق النظر
    فيما أخذ يحيط بها من رهبة الوحشة والانفراد ، وأخذت تتراءى من حولها أطياف
    تلك الفتيات ،




    وقد انقلب كل واحد منها إلى أشباح متجسدة من الهموم والغموم .. وأحست من
    قرارة قلبها المحطم أن هؤلاء هم وحدهم أصدقاؤها الذين ألفوها وألفتهم ،
    وخالطوا كل حبة من قلبها ونفسها . فراحت تتأمل من حولها تلك الأشباح ،
    وأخذت تحدثها قائلة :



    ’’ مرحبا بكم أيها الأصدقاء .. أيها الأصدقاء للنفوس البائسة والندامى
    للقلوب المكلومة .. أيها الشركاء في سرِّ ما رواء الجوانح المعذبة ، وأطياف
    الوسن لعيون الخواطر الحزينة ... يا كوؤس الراح للحلوق المريرة ، ومظهر
    البهجة أمام العيون القريحة ...




    العشاق جميعهم قد وصلو إلى محاريب آلامهم ، والسالكون كلهم قد انتهوا إلى
    مباهج أنسهم وسعادتهم . وها هو ذا قلبي المهجور ساكن فيما بينكم خال من
    اجلكم ، لا يجوب أحد غيركم في أركانه .
    لكم اليوم أن ترتعوا فيه كما تشاؤون وان تتصرفوا به كما تريدون ، وأن تتجازوا ذلك إلى كل جهة من مشاعري وطرف من جوارحي . عيناي ...




    سأتخذ منكم شعاع رقادهما ، شفتاي ... سأملأ منكم كؤوس خمرها ، أفكاري ...
    سأجعل إليكم في أيامي السود ، وما أشد شوقي إلى الأنس بكم في ليالي الظلماء
    .‘‘
    ثم يلوح لعينيها بين أشباح تلك الهموم خيال ’’ ستي ‘‘ وكأنها جالسة إليها ،
    تتواسيان وتتشاكيان كما كانتا في أيامهما السابقة ، فتتألق عيناها نحو ذلك
    الوهم ، وتمضي إليه لتعانقه قائلة :




    ’’ أختاه ... يا روح زين ونور بصرها ، يا جليسة أفراحي وهمي ، وشريكة سر
    قلبي ، يا عيش احزان نفسي وجناح المسرة لروحي . لله هذا الدهر الذي جمع
    نفسينا في طبيعة واحدة ، ثم فرق بيننا في الحظ والسعادة ؟ ما أعظم شكري لله
    على أن آتاك الحظ الذي تريدين ، وأسعدك بالطالع الذي كنت تحلمين .



    فليبتسم لك الدهر ، فإن في ابتسامته عزاء لهمي . ولتسعدك الحياة ، ففي إسعادها تهوين لشقائي .
    أما حظي ، فمهما اشتد سواده الذي به فلن يتجاوز القسمة التي يجب أن أرضى
    بها وأسكن إليها . كانت قسمتي في الأزل هذه الهموم التي تحيط من حولي ،
    والبؤس الذي يقيم في نفسي . ذلك هو المقدر المسطور .. صفو الحياة وأفراحها
    من أجلك ،




    وحزنها وآلامها لقلبي . لك تاج الدين الذي أعطاك الدنيا فيه أفراحها ، ولي
    ممو الذي قدمته إليَّ في همومها وشقائها . فللّه مني ما شاء من قبول بحكمه
    ورضى بقسمته .‘‘
    أما الليل فكانت في معظم أوقاتها تأبى أيضا إلا أن تسهر مختلية في غرفتها .



    وكثيرا ما كان يحلو لها أن تجلس إلى جانب شمعة من الشموع المتقدة في
    أنحائها ، تتأمل احتراقها ، وقطراتها التي تجري كالدمع من جهاتها ، وسيرها
    نحو الذوبان والنتهاء . فتشعر في أسى ولوعة ليمة قد غدت شمعة أخرى بين هذه
    الشموع ، تسير مثلها نحو الاضمحلال و الانطفاء . ثم تثبت نظرها مطرقة في
    تلك الشمعة وتحدثها قائلة :




    ’’ أيتها الأخت القائمة حيالي ، المحترقة بمثل ناري . لك أن تغتبطي وتحمدي
    الأقدار على ما بين آلامي وآلامك من فوق مثل ما بين مشرق الشمس ومغربها .
    نارك إنما تعلو ظاهرا منك فقط ، وناري يتأجج لهيبها من أعماق قلبي وباطني .
    نارك إنما تمس منك خيط هذا اللسان ، ثم لا تتجازه ، وناري يسري لظاها وراء
    جميع مسالك روحي ، ويقيم لهيبها حربا في كل جوانحي وجسمي .




    هو في أعلاك نور يشع من حولك بهجة وضياء . وهو في باطني دكنة تملأ ما حولي ظلمات وقتاما .
    هو في لسانك سحر من البلاغة والتعبير والبيان ، وهو في جوانحي وبين ضلوعي آلام كاوية تفقدني النطق والكلام .
    ثم أين أنت من أجيج ناري وزفرات نفسي إذ ترقدين منذ لمعة الفجر إلى المساء ،
    زفرات كاوية ... ولظى مستعر .. وأجيج متقد .. لا يكاد شيء من ذلك يريح
    نفسي ساعة من ليل أو نهار ، ليس من فم يطفئه ، أو نسمة تخمده .‘‘
    وتلمح أثناء اطراقتها في ذلك الليل فراشات تطوف حول تلك الشموع ، فتنظر إليها بعينين زائغتين بالدمع قائلة :
    ’’ أيها الطائر الهارب من عش الفراق ، والبلبل المولع بأزاهير اللهب ، أيها
    الحجة الصائبة على المدعي الكاذب ، والباذل روحه رخيصة في شجاعة وشوق .
    قل لي ، ألا يدركك الملال ساعة من هذا الدوران ، ألا تشعر بتعب من هذا السعي المرتعش الدائب حول هذا المطاف ؟
    ولكن أسفا .. أسفا أن يقارن المتجه نحو الموت برزانة وجأش بذاك الذي يسعى إليه في ضجر مرتعش .
    كان عليك أن تعلم أن هذا الهلع في السعي مظهر للجزع المعيب ، وأن ارتعاشك
    الدائب طيش لا ينبغي ، وأن تعجلك للفناء قبل أن ينضج منك الجسم بشوقه إنما
    هو تخلص من الصبر وآلامه .
    هلا قعدت تصبر مثلي ، إلى أن يذوب الجسم في بوتقة الحشا ، وتتلاشى المادة
    في ضرام الروح ؟ إذا لبدلت منك هذه الحقيقة الأرضية بروح القدس والخلود ،
    ولعادت روحا صافية في كأس شفافة من النور . وإذا أمكنك أن تعانق هذا اللهب
    من دون احتراق وأن تتقلب في جنباته من غير اكتواء .‘‘
    وهكذا كانت تمر حياة زين ...




    خلوات مع الأشباح والأطياف وحديث مع الخيالات والأوهام ، يطوف كل ذلك بها ،
    ثم يستقر في ذهنها وقلبها وكل مشاعرها شيء واحد ... هو اسم ممو ... هو
    حظها المنكوب الذي أبعداعن أليف روحها ، وأخرجها من أفراح الدنيا ونعيمها .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 2:57 pm