تعد العجوز هيلانة - بعد مغادرتها لذلك الشيخ - إلى القصر ، وإنما بادرت
في إعداد العدة وتهيئة الوسائل لكي تصبح طبيبة . وبعد حين أصبحت ذات منظر
جديد وشكل غريب ...
حيث ارتدت فوق
ثيابها رداء سابغا فضفاضا قد شق من أمامه فبدا من تحته ما علقته على كل من
جنبيها من الحقائب التي ملأت بعضها بزجاجات وعقاقير . ..
وحشت بعضها
الآخر مباضع وهنات مختلفة من كل ما يحتاج إليه الطبيب الماهر .. ثم استوت
على ظهرها وانطلقت تطوف بالأحياء ، وتؤم المجالس والبيوت ، تتسمع خبر أي
مريض مطروح أو متألم موجوع ،
لكي تأخذ طريقها إليه متبرعة بمعالجته ومواساته .
وهكذا بدأت توحي إلى الناس بأمكر أسلوب مبلغ ما اوتيته من براعة في فن الطب بمختلف أنواعه...
ولم تمض سوى برهة حتى كان اسمها قد انتشر في كثير من أنحاء الجزيرة ،
وتسامع الناس بأن عجوزا سائحة قد وصلت إلى الجزيرة ، تعالج أنواع الامراض
والأدواء المختلفة بمهارة فائقة .
وكان ممو وتاج الدين إذ ذاك قد سائت بهما الحال أكثر من الأول وأصبح كل
منهما نهبا لأفكار وآلام متواصلة مما لفت إليهما أنظار ذويهما بل معظم
أصحابهما ولكن دون أن يعلم أحد بحقيقة الأمر أو يدرك شيئا مما حدث لهما .
ولم يكن - في الواقع - منشأ تلك الآلام والأفكار واحداً بالنظر اليهما ، بل
كان مختلفا إلى حد بعيد . أما ممو فقد كان السبب في ذلك زيادة تعلقه
وتفاقم وجده .. فلم يكن يقر له قرارا أو يلين لجنبه مضجعا منذ عرف أن التي
ضاع عندها رشده إنما هي أميرة الجزيرة .. ومنذ أخذ يفكر كيف أن تلك الغادة
الحسناء رأفت بقلبه ورقت لحاله ، فتركت خاتما الدري في يده لكي ينوب إشراقه
عن ابتسامتها عندما يغيب طيفها عنه ، ولكي يقوم مقامها في مواساته إذا
تلظى منه القلب .
كان ذلك التفكير يستحيل نارا تتقد في أحشائه وتسعر كل مشاعره وأحساسيه ،
وكانت تزداد ثورة هذه الآلام في نفسه حينما يقعد ليفكر في شخصه وفي مركزه
البسيط الذي لا يجعله اهلا لأن يتقدر إلى الأمير زين الدين لخطبة أخته .
بل لا يعقل من الأمير أن يقبل مثله صهرا له من بين مختلف أفراد حاشيته
ووزرائه . فكان ذلك يزيد في آلامه مرارة اليأس , ويسلمه إلى زفرات طويلة
تكاد تشق صدره .
أما تاج الدين فعلى الرغم من أنه أيضا كان متعلق القلب بصاحبة الخاتم الذي
في يده ومنصرفا بمشاعره نحوها إنصرافا تاما ، إلا أنه لم يكن يقاسي في ذلك
مثل آلام ممو وثوراته النفسية . ويبدو أن السبب في ذلك هو أنه كان ذا أمل
قوي في الوصول إليها ،
ولم يكن يخامره شك في أن الأمير لن يتردد في قبوله صهرا له .. فهو ابن
وزير الديوان ، وهو أحد أشقاء ثلاثتهم عمدة الأمير في كثير من الظروف
والاحوال ، والأمير نفسه يدرك أن مصلحته تقضي بإكرامهم وتقريبهم منه .
ولكن تاج الدين كان يعاني أفكارا أخرى تؤلمه وترهق مشاعره إرهاقا شديدا ،
ولا يهتدي إلى مخلص منها ! فقد كان ممو كما قلنا صفيه الوحيد من دون الناس
كلهم ، وكان ينزله من قلبه منزله شقيقه ..
بل أسمى من ذلك وأعظم .. ولم يكن يخفى عليه ما يقاسيه من وجد وتحرق ..فكان
يقعد ليفكر في أن مركزه كسكرتير للديوان لا يؤهله لأن يتقدم إلى الأمير
بطلب يد أخته منه ، ولكن لا يعقل أيضا أن يمضي هو متنعما بمراده تاركا
خليله الوحيد وراء ظهره يتقلب في ناره . فكيف التدبير وما العمل ؟! ..
أيضحي بقلبه وسعادته من أجل صديقه ممو ويظل إلى جانبه يواسيه ويقاسمه ضره ؟
أم يبحث عن سبيل لإمكان وصولهما معا إلى أمنيتهما المنشودتين ؟ ولكن كيف
العثور على هذا السبيل الخفي الشائك ؟؟!! ..
وهكذا أضحى كلا الخليلين مظهرا للقلق والتفكير الدائم مما جعلهما محورا لتفكير الاهل والأقربين ، والحيرة في شأنهما .
وذات أمسية ، وبينما كان ممو و تاج الدين جالسين في ركن من قاعدة الضيافة
التابعة لدار تاج الدين وشقيقه مع زمرة من الأهل والأصحاب يتسامرون ،
مرت من أمامهم الطبيبة العجوز وألقت التحية عليهم ، وكانو قد سمعوا باسمها
وتذاكر معظمهم في استدعائها لعرض حالة ممو وتاج الدين عليها ، فردوا عليها
التحية وطلبوا إليها الجلوس معهم بعض الوقت . وبعد أن استقر بها المجلس
سألها عارف قائلا : ’’ من أين أنتي ايتها الخالة وما شأنك ؟‘‘ .
- ’’ أما أنا فمن قرية صغيرة تقع وراء لك الجبل وتبعد عنه قليلا ، وأما
شأني طبيبة أسيح في أنحاء البلاد لإغاثة المرضى ومعالجة شوؤنهم ..‘‘.
- ’’ وما هي الأمراض التي تعالجينها ؟؟ ‘‘ .
- ’’ الواقع أنني اشتهرت في المهارة في معالجة الأمراض النفسية والروحية
فقط .. غير أني استطيع بحكم مراني الطويل معالجة غير ذلك أيضا من الأمراض
البدنية ..‘‘.
وهنا فاجأها تاج الدين من ركن بعيد في المجلس قائلا :
- ’’ مذا تعرفين من الأمراض الروحية ايتها الطبيبة ؟؟ ‘‘ .
فالتفتت العجوز صوبه واخذت تلحظه بعينيها الضعيفتين حينما كأنما تريد أن تعرف من هو هذا الذي يسأل عن الروح وأمراضها .
ثم قالت له وقد خالها شك في أن يكون هذا أحد اللذين تبحث عنها :
-’’ أعرف يا ابني من هذه الأمراض أنواع كثيرة ، كنت قد عالجتها في كثير من الناس ، فهل تشكو - لا سمح الله - شيئا منها ‘‘.
وقبل أن يجيبها تاج الدين بادرها ممو قائلا :
-’’ ما هو أشد أنواع هذه الأمراض أيتها الخالة ؟؟ وهل لكي أن تصفيه لنا وتحدثينا عنه ؟ ‘‘.
فنظرت اليه وقد قوي شكها وغلب على ظنها أنها أمام ضالتيها المنشودتين . ثم تنهدت بعمق وقالت له :
’’ أشد أنواع هذا المرض يا بني ، نوع - لا أذاقك الله إياه - يسري من
الألحاظ . ويسلك طريقه في الألحظ .. ثم يتخذ مستقره في القلوب . هو في أول
أمره رعدة في المشاعر ، ودقات بين ألواح الصدر ،
وتلون على ملامح الوجه . فإذا نمى وترعرع فهو برق يستعر وميضه في الأحشاء ،
تتلظى الجوانح بناره من غير لهب ، ويشوى الفوائد في وهجه من غير جمر . ثم
إذا استقر وتمكن فهو نهش وفتك لسويداء القلب ، يجرحه بلا مبضع ، وينزعه من
غير سنان .
فهناك يشخب دمه منهمرا من العينين ، ويذوب الجسم بين بوتقة الحشا وزفرات
الصدر . وهناك لا يغني الطبيب ولا عقاقيره ولا يجدي سوى أن تتضامن الروح
وتتطأ النار ببرد الوصال ‘‘ .
وسكتت العجوز هنا .. فقد لاحظت نشيجا قويا بدا يتعالى من صدر ممو الذي لم
يعد يملك دموعه ، واصفرارا شديدا تلطع به وجه تاج الدين الذي أطرق ذاهلا ،
واتفتت إلى بقية الجالسين وقد خشعت ملامحهم ،
وداخلتهم رقة شديدة من أجل ذينك المسكينين الذين لم تعد تشك في أنهما ضحيتا الأميرتين في اليوم التاريخي الفائت .
ثم أنها قامت من مكانها تؤم الركن الذي كانا يقبعان فيه وربتت على كتفيهما قائلة :
’’ لا بد أنكما يا ولدي تعانيان مجهودا أو ألما من هذا النوع ، ولكن لاضيرعليكما ، فإن دوائكما عندي ‘‘.
ثم توجهت إلى بقية الحاضرين وقالت :
-’’ لا بد لي من تشخيص أمر هذين الشابين ، ولابد أن يكون ذلك على خلوة معهما ، فهل أستطيع أن التمس منكم الموافقه على ذلك !! ‘‘ .
وبعد قليل ..
كانت الغرفة قد أصبحت خاليه إلا من المريضين .. وطبيبتهما التي أخذت تسرح
فيهما وتقلبه لتجد شابين رائعين لم يتخطيا ربيع العمر ، تبدو على مخايل كل
منهما معاني العز والمجد ، إلى جانب ما يظهر في شكليهما من سيما الروعة
والجمال ،
على الرغم مما اصطبغت به ملامحما من مظهر الكآبة والإنكسار .
وبعد أن مضت تواسيهما مستدرجة لهما في الحديث عن شأنهما وقصتهما إلى أن فهمت كل شيء ، فابتسمت قائلة :
’’ ليطب خاطركما يا ولدي ولتقرعيناكما فما أنا والله إلا رسولا من أميرتي
بوطان إليكما لأسري عنكما وأواسي جرحكما ، وها هو ذا خاتم كل منكما ...
ولم تكد العجوز تنطق بهذه الكلمات وتمد يدها لتريهما الخاتمين حتى دار بكل
منهما فضاء ، وغشيتهما موجة شديدة من الذهول لم يستطيع ممو أن يثبت بأعصابه
أمامها فهو كطفل صغير يقبل إلى أحضان العجوز يقبل أذيالها ويتشبث بأطرافها
دون أن يملك رشدا .
بينما ظل تاج الدين فترة من الوقت مشدوها يحملق في العجوز دون أن يستطيع نطقا أو يملك حراكا ..
أما العجوز .. فما إن أبصرت منظرهما ذاك ، وما آلت إليه حالهما ، حتى داخلتها رقة شديدة من أجلهما ، وفاض قلبها حنانا لهما ورحمة ،
فأخذت بيمين كل منهما قائلة :
’’ لا داعي إلى كل هذا الهم والغم يا ولدي ... فوحق الله المعبود لم أدعكما
ما حفلني التوفيق حتى أبلغ بكل منكما إلى أمنيته وهواه .. ولن يطيب لي
الموت إلا بعد أن أراكم أنتم الأربعة ...
وقد جمعكم الشمل وأظلكم نعيم الوصال وما على كل منكما الآن - لكي أستطيع
الشروع بالمهمة منذ الساعة - إلا أن يخبرني عن اسمه ويطلعني على شأنه
ومركزه في هذه الجزيرة . كما وأرجو وقد اتيتكما بخاتميكما أن تسلماني هذين
الخاتمين لأعود بهما إلى صاحبتيهما تجنبا لإفتضاح الأمر ..
ولن تطول غيبتي عنكما ، بل لا بد أن أعود إليكما قريبا بالجواب .
فتهللت أسارير تاج الدين ، وقام فأعطاها خاتم ستي الذي كان معه بعد أن عرفها باسمه وشأنه ، أما ممو فإنه أطرق قليلا ثم قال للعجوز :
’’ لعلكي يا سيدتي تعذرينني إذا قلت بأنه ليس بوسعي إعطاء هذا الذي تريدين
.. ولعلكي تصدقينني إذا حلفت لكي بأن هذا الخاتم الذي عندي هو اليوم بقية
روحي التي تخفق بين جنبي !
ومن ذا يستطيع أن يعمد إلى روحه فينتزعها ؟! ... لا يا سيدتي ... إنني
أتشفع إليك بناري التي تذيب أحشائي ، وأتوسل إليك باسم ( زين ) أن تتركيها
في هذه البقية من الرمق ، وتدعي هذا الخاتم في يدي ...‘‘.
وسكت قليلا كأنما يغالب آلاما تثور في نفسه . ثم مضى في حديثة يقول :
’’ والآن دعيني يا أماه .. وأنتي رسول قلبي الضائع ... أبثك رسالة نفسي إلى ربة هذا القلب : قولي لها أنه مسكين من الناس ...
لا يبلغ أن يكون كفؤا لذوي الإمرة والسلطان . غير أن سهام الحب طائشة .. لم
تكن تفرق يوما ما بين فؤاد مسكين وأمير ، وهو اليوم لا يتطاول إلى مركز
ليس أهلا له ، ولكنه يتطلع إلى عطف من شأن الامراء أن يشملو به عامة الناس ،
وحسبه من هذا العطف أن تخطريه على بالك بين وقت وآخر .. وأن تسالي عن حاله ولواعجه بين الفينة والأخرى ‘‘...
فتأثرت العجوز من لهجة كلامه ،
ولم تجد بدا من أن ترحمه فتدع الخاتم في يده . وبعد أن حاولت مواساتهما
فترة من الوقت قامت فودعتهما .. ووعدتهما في العودة بأقرب حين .
ولنسرع الآن إلى القصر قبل عودة العجوز ، لنعلم ما الذي آلت إليه حال ستي و زين ، منذ أن خرجت من عندهما ولم تعد .
والواقع أنهما أخذتا تنتظرانها على أحر من الجمر ، وترقبان رجوعهما بين كل
ساعة وأخرى . فقد تركتهما لتذهب فتستكشف لهما السر المخبوء ، وتأتيهما
بالخبر اليقين عن حقيقة تينك الجاريتين اللتين شغلتا قلبيهما و فكريهما ،
ولكنهما ذهبت ولم تعد .. !
وبطول غيبتها عنهما استبد بهما القلق وزاد اضطرابهما ولم يعد يقر لهما
قرار ، ويهنأ لهما مأكل أو مشرب ، وأخذ الفكر يذهب بكل منهما مذاهب متشعبة
فيما يمكن أن يكون السبب في تأخر عودة العجوز !
وبينما كانتا ذات يوم جالستين في إحدى مقصواتهما الخاصة من القصر تتحدثان ،
إذا بطارق يستأذنهما في الدخول . وما إن توجه نظرهما نحو الباب ، حتى
أبصرتا العجوز بوجهها المتغضن وظهرها المنحني واقفة أمامهما ، ترمقهما
بابتسامة عريضة ذات مغزى ...
وهبت الأميرتان تطوقانها ، وتبثانها شوقهما ، ثم أسرعتا فأجلستاها بينهما ،
وأخذتا تسألانها عما استطاعت أن تصل إليه في كل هذه الغيبة من المعلومات ،
وعن مدى ما كشف لها علمها وبحثها عن سر تينك الجاريتين ومكانهما .
فقالت لهما وهي لا تزال تلهث من التعب :
-’’ أقسم لكما أميرتيّ بالخالق الذي أولاكما هذا السحر والجمال أنني آتية
الآن من عندهما . وإن قلبي لا يزال يخفق رحمة وحنانا لمنظرهما . وا كبدي
لهما يا ابنتي ... كلما سمعا باسم ستي وزين التهب فيهما الدم نارا ، وتمشت
في أوصالهما رعدة تثير الرحمة لهما والإشفاق .
هما والله يا ابنتي خير شابين أبدعهما الله لطفا وجمالا وشهامة وكمالا .
وما عجبي من ذلك بمقدار عجبي من أنكما - فديتكما - كيف وفقتما لانتقائهما .
واهتديتما في ذلك الجمع الحاشد إلى مكانهما ! فهما والله - سواء أكانا
أميرين أم زعيمين أم بسيطين من الناس - خير كفؤين لكما ، ولائقين لجمالكما
.‘‘
وكان طبيعيا هنا أن تتملك كلا من ستي وزين حيرة بالغة وتطوف بهما دهشة
شديدة من هذا الكلام . فقد كانتا تتصوران كل محتمل لشأن الجاريتين ،
سوى أن تكونا رجلين من الناس قام فيذهنيهما ذلك اليوم مثل ما قام لديهما
أيضا من التنكر وإخفاء الحقيقة ... فلم يكن ذلك الحتمال ليتطرق إلى خيالهما
قط .
واستفاقا من حيرتهما ودهشتهما لتشعرا بلواعج حب شديد قد ظهرت في مشاعرهما ،
وأخذت تتضرم سعارا في قلب كل منهما . كانت في الماضي آلاما واضطرابات حول
السر المخبوء الذي لا تعرفانه ، ولكنها اليوم أصبحت حقيقة أخرى ذات خطورة
أشد ..
فهي الحب .. الحب الذي بدأت رعدته تسري في مشاعر كل منهما من الفرق إلى القدم !
ثم أنه لم يطل التفكير في الموضوع بعد أن شرحت العجوز لهما عن تاج الدين وممو كل شيء ..
وبعد أن نظرتا حولهما فلم تجدا سوى العجوز التي قد أضحت خبيرة بحالهما مطلعة على سرهما . فقالت لهما إحداها :
- ’’ لعله ليس خافيا عليك - أيتها الخالة - أن خبرك هذا زاد في قلب كل منا آلاما طارئة .. وأرهق مشاعرنا بإحساسات جديدة ..
ولسنا نرى غيرك الطبيب لآلامنا ، ولن نجد إلا لديك العلاج لقلبينا . ولن
نقدر أن نتصرف في شىء من هذا الأمر إلا بسعيك ، ولا نتكلم عنه إلا بلسانك .
فهل لك أن تتحملي من أجلنا شيئا من الجهد وتكوني لسننا الناطق في هذا
السبيل !‘‘.
فأجابت العجوز متهللة :
’’ إنني منقادة يا أميرتيّ كل ما تبغيانه وتأمرانني به . وأي جهد هذا الذي
سيلحقني في سبيل إسعادكما ؟ بل أية راحة سأشعر بها ما دمتما معذبتين كما
أرى ؟ ‘‘
فقالتا لها :
’’ إن كل ما نبغاه هو أن تسرعي فتعودي إلى ذينك الشابين لتنوبي عنا في
مواساتهما ومعالجة شأنهما ، إذ لا ريب أنهما الآن يعانيان مزيدا من الآلام
التي حدثتنا عنها .
هدئي أيتها الخالة من كربهما ، وامسحي بدلا عنا بيمينك زفراتهما ، قولي
لهما : انعما بالاً ، فلستما وحيدين في هذه المشاعر والآلام . إن تينك
اللتين صرعكما حبهما في ذلك المساء ... بين تلك الشعاب ... تذوقان معكما
على البعد مثل ذلك . كان قبل اليوم عطفا عليكما ورقة من أجلكما ، وهو الآن
حب يخفق به قلبيهما كما يخفق منكما ذلك وتقاسيان منه كما تقاسيان ولئن
استطعنا أن نكتم هذه اللواعج إلى اليوم ، فإن ذلك لسلطان الحياء و حاجبه
المسدل علينا .. و لقد آن لهذا الحجاب أن يزاح عنكما .. لتعلما أننا قد
ارتضيناكما رفيقني لحياتنا حسب الإختيار الذي دل عليه خاتم كل منا منذ
لقائنا في ذلك اليوم المشهود . ولكل منكما إذا شاء أن يتقدر اليوم إلى
الأمير لخطبتنا منه . فيسع إليه عن كل منكما أناس يعرضون عليه الخطبة .
وآخرون من ذوي الشأن يتوسطون إليه في رجاء القبول . أما المكان والشأن ..
والغنى والمال والمهر .. فقولي لهما أنهما رضيتا من ذلك كله بالحب الذي خفق في قلبيهما منذ ذلك اليوم واتضح مدى إخلاصه .
وكل ما امتدت إليه طاقتهما بعد ذلك من الدنيا وأسبابها فهو منهما مقبول وجميل ..
هذه هي رسالتنا - أيتها الخالة - بلغيها عنا إليهما على أحسن وجه ، فعسى
الله أن يكون مقدرا لنا في أزله سعادة الواصال ، كما قدر علينا في غيبه
ارتشاف كأس هذا الحب . ‘‘ .
الإثنين فبراير 27, 2012 4:33 pm من طرف prnsjo
» من أجمل ما قرآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآت
الإثنين فبراير 27, 2012 4:30 pm من طرف prnsjo
» كم منا يريد ان يرى المصطفى فى منامه
الجمعة فبراير 24, 2012 5:11 pm من طرف prnsjo
» كيف نعشق الصلاة
الجمعة فبراير 24, 2012 5:06 pm من طرف prnsjo
» نكت 2012
الجمعة فبراير 17, 2012 1:59 am من طرف Biso_basim
» نكت جامده جدا
الجمعة فبراير 17, 2012 1:52 am من طرف Biso_basim
» اجمل و اجمد و اروش نكت
الجمعة فبراير 17, 2012 1:42 am من طرف Biso_basim
» نكت بخلاء
الجمعة فبراير 17, 2012 1:40 am من طرف Biso_basim