نايف.. خير خلفٍ لخير سَلف

في
اللحظة التي تم فيها اعلان خبر رحيل حبيب القلوب، وسلطان الكرم الى جوار
ربه «رحمه الله» توقع العامة قبل خاصتهم ان يتولى سمو الامير نايف ولاية
عهد البلاد. وكانت الرغبة الشعبية حاضرة حينذاك في ان يحل هذا الرجل محل
اخيه الراحل، وان يتولى منصبه الشاغر، لا لشيء إلا لأن الناس خبروا حنكة
الامير نايف، وعرفوا أداءه، وأدركوا جوانب كثيرة من سماته الشخصية القيادية
التي عزّ لها نظير فكان لهم ما رغبوه، وتحقق مرادهم، وما تمنوه.

لقد شهد من عرف الامير، او قابله، أو دار بينه وبين الامير حديث
ودي، او خلافي بأن الامير نايف محاور متمكّن، ومستمع من الطراز الاول. لا
يقاطع حديثك وان كنت في اوجّ معارضتك له، ولا يسلبك حق ابداء رأيك وان كان
رأيك لا يتوافق مع مسلماته بتاتاً.. حدّثني شيخ معارض، واكاديمي له آراؤه
الخاصة بأنه قابل الامير نايف ذات يوم ودار بينهما حديث طويل، شرَّق
الاثنان فيه وغرَّبا، وأبدى الرجل للأمير جُل، او كل آرائه بما فيه الحاد
منها.. لقد شهد الشيخ الاكاديمي شهادة حق للتاريخ فقال: لقد تعجبت، وفوجئت
في الآن نفسه بحسن استماع الامير، وانصاته، وسلاسة حواره، وتقبُّل الآراء
الاخرى بصدر رحب، ولم اكن - والحديث للشيخ - اتوقع ان هذا الامير بهذا
الخلق الحواري الجميل.. تلك صورة مصغّرة تثبت لنا ان الامير اهل لهذا
المنصب الذي يُحتم على مُتبوِّئه ان يكون مستمعاً جيداً، ومحاوراً لبقاً.

إنك عندما تراجع أرشيف قرارات، واهتمامات
الامير نايف ستجد همّ الوطن وامنه حاضرَين في أبجديات ملفاته.. لا بل ومن
اولى اولوياته، لقد تعامل مع كثير من الملفات الأمنية بنظرة ثاقبة سبقت
وقوع الكارثة.. تعامل مع ملف الارهاب فأحسن صُنعاً. وركَّز على الحدود
فأغلق ملفات حدودية أضحت يوماً مصدر قلق؛ لأنها لم تغلق بعد.. وكان اول
مسؤول يتنبه لخطر البطالة على امن الوطن والمواطن. إنك ستجد، او
ستجدين ان الامير نايف بن عبدالعزيز سياسي محنَّك، ورجل دولة بكل ما تحمله
هذه العبارة من معنى.. لقد شاهدناه، وسمعناه كثيراً يركّز على سيادية
الدولة. وعرف الناس عنه انه ليس للمنطقة الرمادية مكان عند الامير فليس ثمة
عنده سوى الابيض والأسود في المسلمات السيادية دينية كانت، او وطنية، فهو
يؤمن كغالبية شعبه بأنه ليس هناك مسميات اخرى سوى الحق، او الباطل.. لقد
اثبت الامير وفي مواطن كثيرة تلك الحيثية عبر اتخاذه القرارات القوية التي
لا تعرف المجاملة، لا بل ونراه دوماً ما يصرُّ على تنفيذها؛ لأنها وبكل
بساطة حق لا باطل فيه.. وتلك سمة من سمات رجل الدولة القوي.
لقد شهد
قاصي الدنيا، ودانيها بأن الامير نايف رجل ذو قيم، ومبادئ تتوافق مع دستور
دولته التي ارتضت ان تتخذ من شريعة الله مبدأ لها، ومنطلقاً، وفي الوقت
نفسه فإن الوقائع دوماً ما تثبت انه مقاتل ثابت، وجبل أشم لا يتزحزح قيد
أنملة، او يتراجع عن الدفاع عن مبادئه، وقيمه الفاضلة ان هي أهينت؛ وما
دفاعه عن مكانة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في بلاده، ونُصرته لرجاله
إلا برهان جلي، ودليل واضح على رسوخ مبادئ الامير رسوخ الجبال الرواسي.
ثم
إنك عندما تراجع أرشيف قرارات، واهتمامات الامير نايف ستجد هَمَّ الوطن،
وأمنه حاضرَين في أبجديات ملفاته لا بل ومن اولى اولوياته؛ لقد تعامل مع
كثير من الملفات الأمنية بنظرة ثاقبة سبقت وقوع الكارثة.. تعامل مع ملف
الارهاب فأحسن صُنعاً.. وركّز على الحدود فأغلق ملفات حدودية أضحت يوماً
مصدر قلق؛ لأنها لم تغلق بعد. وكان اول مسؤول يتنبه لخطر البطالة على امن
الوطن، والمواطن فحمل على عاتقه ايجاد الحلول السريعة لهذا الشأن، كان
باكورة تلك الحلول سعودة الوظائف، اهتمّ بالفكر فجعل له أمناً يخصّه وتعقد
له المحاضرات، ومن اجله تدار الحوارات.. أجاد في إدارة حشود الحج التي
تعتبر دولة بذاتها فكان مضرب المثل في حُسن إدارة الحشود عند الدول
المتقدِّمة. وارشيف اهتماماته واسع لا تفي بعرض عناوينه زاوية كاتب.
وبعد:
فإن اختيار الامير نايف، وتسميته ولياً للعهد، وعضيداً للملك كان اختياراً
موفّقاً فرح الناس به، واستبشروا رخاء، وأمناً، حيث الرجل المناسب في
المكان المناسب .. جعله الله اختيار خير على الامير، وشعبه، ووطنه. واعانه
على تحمُّل الأمانة، وجعله مفتاح خير، وعِز، وسؤدد لهذا البلد الآمن، وأرضه
الطيبة.. وكل عام ومملكتنا، وانتم ايها القراء الاعزاء بخير.